الخميس، 20 فبراير 2014

اسماك تتوهج فى الظلام

اسماك تتـــوهج فــي الظــلام .. للفائــده !!









اسماك تتوهج في الظلام

عرفنا كيف تتحمل كائنات الأعماق ذلك الضغط الهائل للماء ولكن كيف ترى هذه الكائنات صيدها رغم أنها تسبح في ظلام تام ؟
إن بعض أنواع تلك الكائنات أعمى وبعضها الأخر ضعيف البصر . ولذلك كان لابد لها من أن تطور لوامس وأعضاء استشعار رفيعة وطويلة تستعين بها في تحديد مكانها ونوع فريستها وأعدائها في الظلام الشامل وقد نمت لبعض تلك اللوامس عند بعض تلك الكائنات خطافات حية دقيقة مسنونة فإذا ما لامست صيداً تحركت محسوبة لتطبق عليه وتشله فيصبح الصيد لقمة سائغة لها . إن وجود عيون لكائنات الأعماق التي تعيش في ظلمات شاملة أبدية ماهو إلا ضرب من الرفاهية التي ليس لها معنى لان العيون تكونت اساسا ً لترى في النور . ومع ذلك فان لمعظم كائنات الأعماق عيون واسعة وقوية لتهديها في ظلمات القاع وتنير لها الطريق . وان أهم ما يميز معظم كائنات الأعماق هو أنها قادرة أن تنير محولها بمصابيح تناسب حياة الظلام التي تعيش فيها . لقد تكلفت الحياة بمخلوقاتها ومنحتها من التسهيلات ما يلائم حياتها فكانت فكرة المصابيح الحية التي تستخدمها كائنات الأعماق في التعارف على أبناء جنسها أو في البحث عن الصيد أو لجذب ضحاياها أو للهروب من أعدائها . و السعيد منها من يعرف يستخدم تكتيكه الضوئي بكفاءة تؤهله للانتماء والصمود في هذا العالم المتصارع بكل أبعاده ومعانيه .وتستخدم بعض أنواع الحيوانات الضوء ليس لترى طريقها بل كوسيلة للصيد وتمارس تلك الحيوانات اغرب أنواع الصيد يتمثل لنا في فكرة الشص الذي نضع فيه طعماً ليجذب سمكة جائعة جاءت لتأكل لكن هذه الفكرة البشرية قد سبقتها الأسماك بوسيلتها الأكثر اتقاناً وروعة بملايين السنين حتى إن فكرتنا تبدو بالمقارنة معها بدائية . لان اسماك الأعماق لها خيط حي طويل أو قصير فيخرج من موقع محدد على رؤوسها وفي نهايته بروز آخر حي ومضيء وكأنما هذا البروز بمثابة الشص ذي الطعم وبه تلوح في الماء فيجذب بضوئه سمكة أخرى جائعة . فتحرك السمكة ذات الشص الحي خيطها .نحو فمها الواسع المفتوح على اخره حتى إذا وصل الصيد المخدوع إلى الفم أطبق عليه ليتحول الآكل إلى مأكول . وبعدها تبعث السمكة بشصها المضيء إلى الظلمات انتظاراً لصيد جديد . أضف إلى ذلك أن الشص الذي تستخدمه الأنواع المختلفة قد جاء أيضاً بطرازات مختلفة وألوان ضوئية مختلفة لكننا لن نعترض لاصول هذه التكتيكات هنا لضيق المجال .
ولقد وضعت الحياة شرائع وقوانين تنظم بها أمور تلك الكائنات، ولقد استخدمت في ذلك فكرة المصابيح الضوئية الحية. لكن الضوء الناتج منها ليس لوناً واحداً، بل يجيء على هيئة ألوان عدة. فمنها ما يعطي نوراً عادياً، ومنها ما يشع ضوءاً أحمر أو أزرق أو أرجوانياً، أو فوسفوريا، أو أصفر مشوباً بخضرة باهتة.. الخ. ومن ذلك التنوع يكون التميز، وكأنما الحياة بهذه الفكرة، قد أعطت إشارات المرور أو الهجوم أو التوقف أو الهروب لكائناتها، وبها تعرف ما ينفعها وما يضرها. لكن هذه التشكيلة من الألوان الضوئية لا شك محدودة، خاصة لو توزعت على آلاف الأنواع من كائنات الظلام، ويعني ذلك أن عشرات ومئات الأنواع سوف تشترك في لون ضوئي واحد فيكون التشابه لا التميز، والتشابه قد يؤدي إلى نوع من التظليل بين الأنواع المختلفة، لأنها ترتدي (( زياً )) ضوئياً واحداً، ولا بد من فكرة جديدة تساند تلك الفكرة، حتى تعطيها أصالة فوق أصالتها، فلقد جاء توزيع المصابيح الحية، على أجسام هذه الكائنات، بتشكيلات بديعة ومذهلة، وكأنما هي قد تحولت نوع من البصمات المضيئة، فكما يعرف كل إنسان منا ببصماته، كذلك تعرف كائنات الأعماق ببصماتها الضوئية، وهي تمارس حياتها على هذه الأسس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية