الاثنين، 17 فبراير 2014

تونه الزعانف الزرقاء


(تونة الزعانف الزرقاء تحت الأضواء)

يغلب النشاط الحرفي على عمليات الصيد في حوض البحر الأبيض المتوسط. لكن ذلك لم يحُل دون نشوء أول مصيد "صناعي" للأسماك في هذا الإقليم ماثلاً في نصب الشراك الساحلية لتونة الزعانف الزرقاء، كأسلوبٍ مورس أولاً في صقلية لكنه وجِد أيضاً على سواحل الجزائر، وكرواتسيا، وفرنسا، وليبيا، والمغرب، وإسبانيا... لما لا يقل عن آلاف السنين.

وبحلول الستينات من هذا القرن بدأ هذا الأسلوب الحرفي التقليدي يتراجع إذ أخذت شباك الجر، والخطوط الشباكية تحل محل الشراك التقليدية الصغيرة على امتداد كيلومترات بأسرها، بوصفها أدوات النمط الشائع لعمليات الصيد الصناعية التي تُمارس اليوم.

وفي عام 1994، سجل المصيد من هذا النوع السمكي الكبير الحجم، تونة الزعانف الزرقاء الطوّافة لمسافاتٍ واسعة، ذروةً مقدارها 39000 طن. غير أن هذه الكمية سرعان ما هبطت إلى النصف تقريباً عام 2002 لتبلغ نحو 22000 طن.

واليوم، لم يعد هذا النوع يغلّ أكثر من ثلاثة في المائة من مجموع مصيد حوض البحر الأبيض المتوسط، علماً بأن قيمته الإقتصادية نظراً للطلب الخارجي عليه ظـلّت مرتفعة.

ويعود الدافع الرئيسي لهذا الطلب المتواصل على التونة الزرقاء الزعانف إلى السوق النهِم لأطعمة "السوشي" و"الساشيمي" اليابانية التقليدية، التي تستخدم لحم البطن الأحمر من هذا النوع التجاري. ويصل سعر الوحدة الكبيرة الحجم من هذا المصيد في السوق الدولية إلى 50000 دولار أو أكثر.

أمّا المقصِد الثاني لصادرات هذا النوع القيّم فهي الولايات المتحدة الأمريكية حيث تبلغ وارداتها السنوية منه نحو 24000 طن في السوق الدولية، أو ما يتجاوز مصيد عام بأكمله من أرصدة المتوسط للتونة الزرقاء الزعانف.

"صيد الزريعة" يثير القلق

يُفاقم من الضغوط الواقعة على أرصدة التونة الزرقاء الزعانف أن عمليات الصيد الجارية للزريعة السمكية من صغار السمك تُستخدم "كبذور" لعمليات التسمين السمكي لهذا النوع.

ويمارس هذا الأسلوب المعروف أيضا باسم "التربية المزرعية البحرية" أو تربية الأحياء المائية البحرية المأسورة، بصيد التونة حيّةً ووضعها في "حظائر" أو "أحواض" بحرية، وتسمينها باستخدام تقنيات تربية الأحياء المائية للعلف المكثّف قبل حصادها.

وتقدِّر المنظمة أن الإنتاج من نوع التونة الزرقاء الزعانف اعتماداً على أسلوب "التربية المزرعية البحرية"، يناهز 25000 طن سنوياً، أي ما يزيد بمقدار 10000 طن سنوياً عن معدلاته منذ سنواتٍ خمس، ويتركز على الأكثر في كرواتسيا ومالطا وإسبانيا وتركيا.

وطبقاً لما أوردته نشرة المنظمة الرئيسية للثروة السمكية الدولية، "حالة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم"، فأن هذا الأسلوب للتربية في الأسر يثير العديد من مواطن القلق إذ يفتح الأبواب على مصراعيها أمام ضغوطٍ هائلة على هذا النوع السمكي المتناقِص.

وفي الوقت ذاته، تحوم شبهاتٌ قوية حول وجود عمليات صيد غير معلَنة "لزريعة الأسماك" من صغار السمك في مراحل نموه الأولى، مما يعرقل وضع تقديراتٍ موثوقة لمستويات الأرصدة السمكية في البحار.

وقد أكدت المنظمة مراراً وتكراراً على الحاجة إلى تطوير أعلافٍ سمكية قياسية لعمليات التربية في الأسر، عوضاً عن استخدام الأسماك الحيّة المستوردة لهذا الغرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية