إنه بالفعل أحد أعظم الأحداث الطبيعية وأكثرها إثارة للرهبة والذي ينتظرة عشاق التصوير والطبيعة والغوص من كل أرجاء العالم, هو ذلك الحدث الفريد والغريب الذي يتكرر عدة مرات كل عام ما بين شهري مايو ويوليو عندما تتحرك أسراب متتابعة عملاقة وضخمة للغاية من أسماك السردين (سردين الرنكة الجنوب أفريقية \ South American pilchard) والتي يصل عددها إلى مليارات الأسماء ويصل طول هذه الأسراب في بعض الأحيان إلى 7 كيلومترات وبعرض 1.6 كلم وبعمق يقارب الـ 30 مترا !! , مسببة ما يطلق عليه (جنون الغذاء \ Feeding frenzy) حيث يجتمع كل مفترسي البحر والجو الذين يتغذون على الأسماك الصغيرة (السردين) في وليمة عملاقة للغاية تكفي الجميع, مشكلة مناظر رهيبة بكل ما تعنية الكلمة من معنى.
ما يثير الرهبة والدهشة في رحلات السردين العملاقة هذه, هو الإجتماع الغريب والتوافق المذهل لعدد من المفترسين (الدلافين, طيور الأطيش, أسماك القرش وحتى الحيتان الأستوائية العملاقة وغيرها الكثير) بحيث يعملون جميعا جنبا إلى جنب ليتساعدوا على فك وتفريق أسراب السردين الذي يرهب تجمعها مع بعضها هؤلاء المفترسين ويقلل من إمكانية إلتهامها ويسهل عملية خروجها سالمة في رحلتها الملحمية والغريب في الموضوع أن أيا من هذه المفترسات لا تحاول الإعتداء على الأخرى فالهدف هنا واحد, تبدأ الدلافين المعركة بدخول أسراب السردين والعمل على تفريقها ودفعها قريبا إلى السطح ليحاذي مجال طيور الأطيش وهي هنا القوات الجوية الجاهزة والعالية التدريب والتي تبدأ بالإنقضاض إلى داخل الماء بأعداد كبيره وهائلة والسباحة هناك مشكلة أسرابا مائية أخرى لتفرق حشود السردين وتتغذى عليها, من ما يغري أسماك القرش لدخول المعركة والحصول على حصتها من هذه الوجبة العملاقة ويتدخل أخيرا الحوت الإستوائي العملاق الذي يلتهم ما يزيد عن 10 آلاف سمكة سردين في لقمة واحدة.
شاهد هذا الفيديو الرائع لواحدة من هذه المعارك الملحمية الضخمة, من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية ومقدم بصوت المقدم الرائع (ديفيد آتينبارا \ David Attenborough). (مترجم للعربية من قبل فريق المجلة إذا لم تظهر الترجمة بشكل تلقائي إضغط على CC في زاوية الفيديو في الأعلى على اليمين لتصبح CC On).سبب تجمع السردين بهذه الأعداد الهائلة في هذا الوقت من العام هو تفريخها في منطقة تكاثرها في المياه الباردة في المنطقة الشاطئية في جنوب القارة الأفريقية والتي يطلق عليها (منطقة أجولهاس \ Agulhas Bank) بحيث تتجمع وتنطلق في رحلتها ولكي تبدأ في رحلتها يعتقد العلماء أن المياه يجب أن تنزل حرارتها إلى ما دون الـ 21 درجة مئوية ولا ينجح السردين دائما في هجرته والسبب الأهم في فشل الرحلة ليس الإفتراس, بل هو درجات الحرارة وقد فشل السردين في الوصول إلى وجهته وهي شرق القارة الأفريقية 3 مرات في الـ 23 سنة الماضية منها مرة في عام 2003 وأخرى في عام 2006.
جوانب من المعارك الملحمية السنوية بعدسات المصورين.