نفوق العدد الهائل من الأسماك في مياه فرع الرشيد لنهر النيل هذا الأسبوع لم يحدث للمرة الأولى وسيستمر بالحدوث في حال لم يتم معالجة مسألة تلوث المياه في مصر من قبل الحكومة والسلطات المحلية.
السبب الدقيق للحادثة الأخيرة لا يزال مجهولاً، على الرغم من إعلان هيئة مصايد الأسماك أنه عائد للمعدلات العالية للأمونيا والرصاص والمواد الصلبة الأخرى التي أدّت إلى تسميم الأسماك. وقد قدّمت التقارير الإخبارية أسباباً مختلفة، [1] من تلوث مياة النيل، أغذية مزارع الأسماك التي تلوث المياه، إلى النقص في الأوكسجين ومياه الصرف الصحي غير المعالجة. إن أي وكل هذه الأسباب قد تكون من العوامل المساهمة في هذا الواقع المأساوي لمصادر المياه العذبة في مصر، حيث تلوّث المياه يشكّل أحد أكبر أسباب المشاكل الصحية والبيئية وسبل العيش (التوظيف)، على المدى القصير والطويل. ويرى المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن حق المصريين في مصادر نظيفة للمياه والبنية التحتية المناسبة للصرف الصحي يتم انتهاكه نتيجة لذلك.
بشكل عام، فإن القوانين التنظيمية لحماية الممرات المائية من تلوث المياه لا تزال غير مطبقة، مما يؤدّي إلى تلويث بلا هوادة من قبل المنشآت الصناعية والزراعية والمصادر المحلية من المياه العادمة. ويمكن رؤية تأثير هذا النقص في الإنفاذ من خلال الأرقام التالية:
- - يرى تقرير منظمة الصحة العالمة لعام ٢٠٠٨، “مياه أكثر أمناً، صحة أفضل” أن ٥.١٪ من مجمل الوفيات و٦.٥٪ من مجمل الإعاقات (الأمراض والإصابات) في السنة تعود إلى المياه غير الصالحة للشرب، وعدم كفاية مرافق الصرف الصحي، وعدم كفاية النظافة وسوء إدارة الموارد المائية. والغالبية العظمى من الـ٥.١٪ من الوفيات هي ناجمة عن الإسهال والبلهارسيا (شكل آخر من الإسهال).
- - معدلات عالية ومتزايدة من أمراض الكلى والفشل الكلوي: حوالي ٣٠٪ بسبب البلهارسيا. أما المعدلات الأعلى للبلهارسيا المؤدّية للفشل الكلوي تحدث في مصر السفلى والعليا[2] : وهي المناطق ذات الوصول الأقل لمياه الشرب المأمونة والبنية التحتية الكافية للصرف الصحي. باحثو الصحة العامة في المنيا حددوا مياه الشرب غير الآمنة والتعرّض للمبيدات الحشرية كسبب لأمراض الكلي لدى ٧٢٪ من المرضى.[3]
مثل هذه الحوادث ستستمر بالحدوث حتى تبدأ الحكومة بإنفاذ لوائح التلوّث بشكل مستمر، بدلاً من التحقيق في الحوادث منفصلة وعند حدوثها.
إن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن فرض اللوائح ضد الانتهاكات المبلّغ عنها من قبل مختبرات فحص المياه، وبسبب فشلها بالقيام بذلك، فهي تنتهك الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر لضمان المساواة في وصول جميع المصريين إلى مصادر مياه الشرب النظيفة وتوفير سبل العيش المستدامة.