صيد السمك بين الثقافة و الحضارة
مظهر من مظاهر الاختلاف الثقافي والحضاري
صيد السمك
أنا من هواة صيد السمك ..
صحيح أن الوقت لم يعد يسمح بقضاء نهار كامل في الصيد، والصحة لم تعد تسمح برحلة لمدة ثلاثة أيام على قارب في البحر الأحمر …. لكن .. تظل هواية صيد السمك من أحب الهوايات إلى قلبي.أذكر أن من أول ملاحظاتي عندما كنت اتعلم الصيد وأنا طفل صغير .. أني تساءلت ببراءة الأطفال عن الألم الذي تحدثة السنارة (الشص) في فم السمكة البريئة، التي لا ذنب لها إلا أنها أتت لتلتقط الطعم … لتتغذى عليه.
وأذكر أني دخلت في مناقشات مطولة مع والدي رحمه الله .. الذي ساق لي الكثير من المبررات لتبرير الألم الذي تتعرض له السمكة، ولكني .. بقلب الطفل .. لم أقبل منها جميعاً إلا مبرراً واحداً .. وهو أننا سنأكل هذه السمكة. فبنفس المنطق الذي نصطاد به الحيوانات البرية، أو نذبح الأبقار والأغنام لنتغذى عليها، فنحن نصطاد السمك لنأكله! وهذا يبرر الألم الذي لا مفر منه لتتحقق المنفعة.
ومع توافر الإنترنت .. والدش .. ونظراً لأن الممارسة الفعلية لعملية صيد السمك لم تعد متاحة إلا نادراً ..
فقد بدأت تشد انتباهي البرامج والمواقع التي تتكلم عن صيد السمك، وتعرض أفلاماً أو صوراً لعملية الصيد .. وأصّبر نفسي بالفرجة .. طالما لا أستطيع أن أمارس الصيد ممارسة فعلية.
وبمشاهدة هذه البرامج التي غالباً ما يكون صانعوها من أهل الغرب .. اكتشفت أن هواة الصيد الحقيون (من وجهة نظرأبناء العم سام) لا يصطادون السمك ليأكلوه.. وإنما يقومون بكل نبل وشهامة بإطلاق صراح الأسماك بعد أن يصطادوها..
واكتشفت أن إعادة إطلاق الأسماك يكاد يعد من شروط ممارسة هذه الهواية لديهم. وأنه من المشين أن يأكل الصياد الهاوي ما يصطاده، أو أن يحتفظ به لأي سبب من الأسباب.
إلا أنهم لا يمانعون أن يقوم الصياد (أحياناً) بتحنيط السمكة التي يصطادها (إذا كانت كبيرة بما يجعلها تستحق) وتعليقها في برواز كبير على الحائط كدليل على إنجازه العظيم!!!
واستيقظ الطفل البرئ المشاكس في داخلي مرة أخرى متسائلاً
إن لم يكونوا يأكلون الأسماك .. فما هو مبررهم لتعذيبها؟؟
أليس من الوحشية أن يعرضوا السمكة للألم والإرهاق ومقاربة الموت .. بلا أي مبرر إلا متعتهم؟؟
هل من النبل فعلاً إعادة إطلاق الفريسة بعد التمكن منها؟
أم أن هذا من إسراف الناس على أنفسهم؟
وتحويل للصيد من وسيلة لاستبقاء الحياه إلى وسيلة لطلب المتعة!!
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق