الأسماك للغذاء
ان إقبال الاسماك على غذائها ما هو إلا ترجمة صريحة لردود أفعال مجموعة من الحواس لديها والتى تكوِّن فى مجملها القرار النهائى فى الإقبال على الغذاء من عدمِه أو بمعنى أدق درجة إقبالها على هذا الغذاء وذلك لأن حاسة التذوق لدى الطائر تتأثر بالحواس الأخرى وهى بذلك تمثل جزءً من العمليات الأخرى التي يقـوم بهاالأسماك وبناءً عليه يجب وضع عملية الاستساغة في الاعتبار أثناء تكوين مخلوط العلف عند أسر الأسماك فى أحواض وبمعنى أحواضح أثناء تربية الأسماك بصورة عامة والأنواع البحرية منهــا بصورة خاصة .
إنها حقيقـة واقعة أن الأسماك بمختلف مراحل عمرهــا تتأثر تأثيرا قوياً بعملية التذوق ولديهم القدرة على التمييز بين المذاقات المختلفة سواء الحلو منها والمالح واللاذع والقابض والمر وبدرجات تركيز كل منهم ، كما يبني السمكة عملية اختيارها للطعام على أساس شكله و لونه وحجم حبيباته بل ومدى قيمته الغذائية ، والأكثر من ذلك تحديد ما إذا كان هـذا الغذاء ساماً أم لا ؛ ولا يخفى أن هذه الدراسةلهــا تأثيرات إقتصادية سواء على منتج الأسماك أو منتج الأعلاف .
قدرة الأسماك على تمــييز الغــذاء
Feed Recognition
قد تبدوا الأسماك وكأنها تعتمد على الرؤية متمثلة فى حاسة البصر بشكل كبير في اختيارها للطعام مرتكزة فى ذلك على المخزون فى ذاكرتها فيما يخص هذا الطعام من حيث اللون والشكل
وقد تم ترتيب عوامل قبول أو رفض الأسماك للغذاء على النحو التالى :
· (1) العوامل المتعلقة بالغــذاء
1. لون الغــــذاء والإضاءة الخاصة به .
2. الشكل العام للغـذاء : -
أ - الصــورة المقـدم بهــــــا من حجم حبيباته .
ب - وظروف الغذاء الفيزيائية من حيث مدى وجود مخلوط من أطعمة خشنة مع ناعمة أو كونهـا ذات ملمس واحد
جـ - جــاذبيــــة الغــــــــــذاء
من حيث لمعانه أو عتامته .
4. رائحة الغــذاء ، وهذه تظر جلية مع استخدام الأسماك لحاسة الشم وتعرفهـا على الفرائس ن بل وتمييز الفريسة ارائحة المفترس وهروبهـا منه قبل وصوله اليهــا
(2) عوامل متعلقة بالسمكة
وسنتناول هنا خمس من الحواس لدى الأسماك الشم والتذوق والبصر والسمع واللمس لكونهـا من الحواس الكيماوية الأكثر أهمية وان كانت هناك حواس أخرى لا يستهان بها كالخواص الكهربية والتأثير الاجتماعى . . .
فمن الحواس الكيماوية لدى الأسماك
أولاً : حاسة الشـم Olfaction
تسمح الخواص الممتازة للماء كمذيب بحمل عدد لايحصى من المواد العضوية وغير العضوية كمحاليل ورغم أن العديد من هذه المواد شحيح الذوبان فى الماء إلا أنه يمكن كشفهـا من قبل أعضاء الشم الحادة لدى الأسماك ، حيث تصدر الروائح البيولوجية ذات المغزى من العديد من المصادر فى بيئة الأسماك ، ومعروف أن بعض الأسماك يستطيع كشف الفريسة ( أو المفترسات أو الأفراد من نفس النوع بل وحتى روائح جداول صغيرة معينة ) ؛ وهذه بدورهـا تصدر روائح تحملهـا المياه الى النسيج الطلائى الشمى ،وبواسطة تيار الماء المار عبر السمكة الساكنة أو بواسطة حركة السمكة فى الماء يمكن اكتشاف الغذاء . . .
إذاً فاكتشاف الغذاء هو الوظيفة الرئيسية للشم فى العديد من الأنواع التى تعيش فى الضوء المعتم (وفى الأعماق)
غير ان حاسة الشم لهــا مهام أخرى بخلاف البحث عن الغذاء أو الفرائس وتحديد مواقعهـا فهى أيضاص تسهم فى الاستدلال على قرب المفترس كى تهرب منالأسماك ، وتشترك الشم فى السلوك الاجتماعى حيث تلعب دوراً هاماً فى مرحلة التزاوج ، وبهـا تهتدى بهـا الأسماك فى الاستدلال على باقى القطيع ومواطنهـا هلال الهجرة ، وتزداد أهمية حاسة الشم فى الأعماق السحيقة والمناطق المعتمة كالكهوف و الكثيفة النباتات .
وقد بينت التجارب أن السلمون ( المعمى ) أمكنه اختيار وبشكل صحيح الفرع التى يسلكهـا للرجوع الى الجداول التى أخذ منهـا .
ثانيـاً حاسة التذوق Taste
لا تقتصر مستقبلات التذوق فى الأسماك بأى حال على التجويف الفمى، فهى منتشرة أيضــاً على الشفـاه وعلى الردهة الخيشومية
وعلى السطح الخارجى للرأس والجسم ، وبشكل خاص على الزوائد اللمسية وعلى الأشعة الزعنفية المتحورة ، وهناك ثلاثة أمواع من المستقبلات الحسية للذوق أو الإحساس الكيماوى المتماثل وهى براعم الذوق والنهايات الحرة لبعض الأعصاب والخلايا المغزلية التى تشبه الخلايا المستقبلة لبراعم الذوق .
ورغم ان براعم الذوق واسعة الانتشار على جسم السمكة ، إلا أنهـا تتركز على الأعصاب والزوائد اللمسية والجزء الأسفل من الرأس .
وقد أثبتت الدراسات وجود ردود أفعال للعديد من المواد التى توضع فى تماس مع مستقبلات الذوق ، فكانت هناك استجابة للعديد من الطعوم كالطعم الحلو والحامضى وللأملاح والكيتين وللمواد الشهية مرة الطعم ولمستخلصات الديدان والديدان.
ثالثاً : حاسة البصر Vision
هى من الحواس الهامة للأسماك حيث تستخدم البصر في رؤية الطعام ، والأسماك الصديقة و الأعـداء وتختلف عيون الأسماك باختلاف البيئـة المحيطة بهـا ، فالأسماك الليلية لها عيون واسعة والأسمـاك الموجودة في الأنهار كثيرة الطمي لها عيون صغيرة بينما الأسمـاك التي تعيش في الكهوف عمياء تماماً .
عيون الأسماك التي تعيش في الأعماق المتوسـطة عادة ما تكون على جانبي الرأس لتمكنهـا من رؤية 360 درجة لكل ما حولهـا ، أما الاسمـاك التي تعيش في القاع فتكون عيونهـا في أعلى الرأس لترى ما فوقها ، بينما تكون عيونالأسماك المتواجده على السطح بصورة دائمة مصممة بحيث ترى ما فوق الماء وما تحته
وتعتبر الأسماك قصيرة النظر بالنسبة للكائنات الأرضية، إلا ان لها رؤية احاديةالعين، بمعنى أن كل عين يمكن أن ترى بمفردها بدون العين الأخرى مما يمكنهـامن رؤية كل ما حولها في الناحيــة الاخري لكن أغلب الأسمـاك المفترسـة لها رؤية ثنائية العين، حيث تكون عيونها متجـاورة في مقدمة الرأس (مثل الانسان) ، مما يمكنها من تحديد موقع فريستها بدقة.
بعض أسماك المياه الضحلة لها جفون زائفة تستطيع استخدامها لحمايتها من اشعة الشمس القوية، لكن اغلب الأسمـاك لا توجد لها مثل هذه الجفون ، ولذا عــادة ما يستغرقهم بعض الوقت للتعود على التغييرات السريعة في الاضـاءه ، ولعلنا نلاحظ هرب الأسمـاك عند فتح اضاءة الأكواريوم وبحثهم عن مكان للاختبـاء لحينالاعتياد على الاضــاءة الجديدة ، لذلك يفضل أن يزود الحوض الخاص بنباتاتوديكور يوفر لهم الظل المناسب كما يفضل الا تطعم الاسماك مباشرة بعد فتح النور ولكن يفضل الانتظار بعض دقائق.
أما بالنسبة للألوان، فقد اثبتت الابحاث ان الأسماك تستطيع رؤية الالوان إلى حد ما إلاانها تستخدمها بطريقة مختلفة. فمثلاً تستخدم الأسماك الملونة الوانها للبحث عن زوج لها، او تستخدمها للاختفاء والهرب من الاسماك المفترسة.
رابعــاً حاسة السمع Hearing
تزيد سرعة الصوت في الماء اربع مرات عنها في الهواء ، وبالرغم من عدم وجود آذن)خارجية)او (وسطى )عند الأسماك (مثل باقي الحيوانات) ، إلا ان الاسماك تستطيع السمع من خلال ذبذبات الماء الخط الشوكي بالسمكة ، كما أن اغلب الاسماك لهااذن داخلية تعمل بطريقة مماثلة لطبلة الاذن عند الانسان وتساعدها هذه الاذن الداخلية على حفظ توازنها عن طريق اهداب ترسل اشاراته للمخ، ومن الدلائل العملية على حاسة السمع لدى الأسماك هو سماع الأسماك لأصوات محركات السيارات على الجسور فى المزارع وتوجهها الى مواقع انزال العلف استعداداً للتغذية ( حتى وان لم تكن هذه السيارات محملة بالأعلاف ) ، ويحدث ذلك حتى فى أوقات الظلام مما ينفى تأويل هذا الفعل الى حاسة البصر وقت مرور السيارات .
خامسـاً حاسة اللمس Touch
حاسة اللمس من أقوى الحواس في الأسماك ، ولا تستخدمها الأسماك في التعرف على الأسطح المختلفة أو التعبير عن مشاعرها مثل باقي الحيوانات ، ولكن لمشاركة هذه الحاسة في التذوق، الاحساس بالاتجاهات، الحفاظ على النفس وفرض السيطرة على المنطقة الخاصة بها.
وتستخدم أسماك الجورامى والانجل زعانفها الأمامية للتذوق والبحث عن الطعام، بينما تستخدم المجسات الخاصة بها كأجهزة انذار عند خروجها من مخبأها. كما تستخدمها لتحسس المكان حولها وأحياناً لتأكيد سيطرتها على المكان الخاص بها ، وتستخدم اسماك الكات فيش زوائدها لمعرفة الطريق في الظلام، للنبش في القاع بالاضافة الى تذوقالطعام .
وهناك حواس كيماوية أخرى تعزى الى نهايات الأعصاب الحرة فى الجلد ، ويعتقد أنها متحسسات بدائية للأملاح ، واذا ماكانت هذه الحاسة موجودة فعلً فإنهــا لم تدرس يشكل كافٍ ولم
تعرف أهميتهـا بعد، ومن جانب آخـر فإن وظيفة اعضاء الندبة (Pit organ ) وبعض الخلايا العصبية للخط الجانى كمستقبلات كيماوية أثبتت من قبل كل من (Katsuki & Onada ) أن
· أسماك المياه العذبة والمالحة من خلال الدراسات الفسيولوجية الكهربائية أنها تستجيب للأيونات أحادية التكافوء الموجبة ، واستجابت كلهـا بشدة لأيون البوتاسيوم ، والأسماك كاملة التعظم الحديثة البحرية أظهرت استجابة ضعيفة لأيون الصوديوم والكالسيوم ، ولهذه الحاسة القادرة على تحديد الأملاح أهمية فى اختيار البيئة .
· وهناك أمر آخر لا بد من التنويه اليه وهو مخزون الذاكرة لدى الأسماك
فالأسماك شأنها شأن باقى الكائنات تكون على مدار حياتهـا مخزوناً من المعلومات بذاكرتهـا تستفيد منه فى العملية الغذائية ، وليس أدل على ذلك من شىء أكثر من الدلائل العملية :
حيث تشاهد قطعان الأسماك فى الأسر وهى تتجه الى مكان انزال الأعلاف فى نفس التوقيت اليومى المعتادة عليه ( حتى اذا لم تحضر سيارات العلف )
وقد سبق الإشارة فى حاسة السمع توجه الأسماك باتجاه صوت محركات السيارات أثناء تحركهـا على الجسور ، وما هذا الا نتيجة مخزون بذاكرتهـا مفاده أن هذا الصوت هو صوت سيارات العلف ، حيث لاتظهر هذا السلوك اذا مر على الطريق دراجة بخارية .
- التأثير الإجتماعى فى عملية تناول الطعام:
كما أن للأسماك القدرة على تمييز الغذاء عن طريق الرؤية البصرية من حيث الشكل واللون والمكونات فإنها أيضــًا تستمد القدرة على تمييز الغذاء وتفضيل غذاء معين عن غيره من خلال ما يجب أن نسميه التأثير الإجتماعى فى عملية تناول الطعام
يتضح هذا الساوك جلياً فى الأسماك التى تحتضن صغرهـا حيث توجيه الأم الصغار باتجاه الغذاء المفيد ، وتناول زريعة الأسماك كمية أكبر من الغذاء في وجودها أو في مجموعات يكون أكثر منه عندما تكون بمفردها
ويمكن القول تأثير العامل الإجتماعى فى إقبال الأسماك على الغـذاء هنـا يرجع إلى عاملين:
- المستمدة من تدريب الأمهات .- تأثر الأسماك بالسلوكيات الغذائية لباقى القطيع . |
ويكون أمر أكثر وضوحاً بل وتعقداً عند الرغبة فى تغيير السلوك الغذائى للأسماك خاصة الأسماك المفترسة حيث يقوم المربى بتقديم أعلاف بهـا نسب عالية من البروتين تماثل تلك التى تتحصل عليها الأسماك المفترسة من فرائسها ، حيث فى البداية تعرض الأسماك عن هذا الغذاء وتقبل عليه بصورة جزئية مع شدة الجوع ، ويتجلى السلوك الاجتماعى هنا من اقبال الأسماك الأكثر جرئة أو متزعمة القطيع على الغذاء قبل غيرهـا ويعطى مدى نهما واقبالها على هذا الغذاء مؤشراً أو للبلقى بإمكانية تناول هذا الغذاء يأمان .
كما أن التأثير الاجتماعي يلعب دوراً هاماً فى عملية نمو الزريعة المرباة فى مجموعات كبيرة عن تلك المرباة فى مجموعات أقل ويكون التأثير سلبى فى حالة التربية المنفردة ؛ ففى المجموعات الكبيرة يحدث نوع من الصراع على الغذاء بيؤدى الى نوع من عدم التوازن أو التماثل فى الحجم أثناء النمو هذه تعود الى نوعية حجم حبيبات الغذاء وتأثيرها وتلعب البيئة الاجتماعية للأسماك دورا هاما في عملية الإقبال على الغذاء خاصة تلك التى تم نقلهـا من المفرخات أو محطات التحضين الى أواض التسمين أو التربية .