أين تعيش الأسماك؟
تعيش الأسماك في أي مكان يوجد به الماء، فهي تكثر في المياه الدافئة بجنوبي المحيط الهادئ ومياه المنطقتين القطبية الشمالية والجنوبية حيث المياه المتجمدة، ويعيش بعضها على ارتفاعات عالية في الجداول الجبلية فوق سطح البحر. ويعيش بعضها الآخر تحت سطح البحر في الأعماق السحيقة من المحيط. وقد تكيّف الكثير من الأسماك للعيش في بعض المناطق الغريبة كالكهوف، وحفر المياه الصحراوية، والسَبْخَات، والمستنقعات. بل يمكن لقلة من الأسماك بما فيها السمكة الرئوية الإفريقية والأمريكية الجنوبية العيش في الطين المبلل شهورًا عدة.
وهكذا تعيش الأسماك في كثير من البيئات. ويمكن تقسيم تلك البيئات إلى قسمين رئيسيين طبقًا لملوحة الماء:
1- بيئة المياه الملحة.
2- بيئة المياه العذبة.
ويمكن لبعض الأسماك أن تعيش في المياه الملحة فقط وبعضها الآخر يمكنه العيش في المياه العذبة فقط، ومع ذلك فيمكن لأنواع أخرى أن تعيش في المياه الملحة والعذبة جميعًا. ويناقش الجزء الخاص بأجسام الأسماك وكيف تعيش الأسماك، كيف تتكيف الأسماك مع بيئتها التي تعيش فيها. ويصف هذا الجزء من المقالة بعض بيئات المياه الملحة والعذبة الرئيسية، وتوضح مجموعة الأشكال الملونة أنواع الأسماك التي تعيش في البيئات المختلفة، ويبين شكل كل سمكة اسمها الشائع والأسماء العلمية ومتوسط وأقصى طول تبلغه السمكة المكتملة النمو.
بيئات المياه الملحة. يعيش في البحار نحو 14,400 نوع أو ما يقرب من ثلاثة أخماس الأسماك المعروفة، وتعيش أسماك المياه الملحة أو البحرية في بيئات بحرية متنوعة لا حصر لها تتواءم أغلبها مع المعيشة في نوع معين من البيئة، ولكنها لا تستطيع البقاء حية في بيئة أخرى تختلف كثيرًا عن بيئتها الأصلية. ودرجة الحرارة من العوامل الرئيسية التي تحدد المكان الذي تعيش فيه السمكة. وتتفاوت درجة حرارة سطح الماء من درجة التجمد في المناطق القطبية إلى نحو 30°م في المناطق الاستوائية.
يعيش الكثير من أنواع الأسماك البحرية حيث يكون الماء دافئًا دائمًا. وأدفأ المناطق في المحيط هي المياه الاستوائية الضحلة المحيطة بالشعاب المرجانية. ويعيش أكثر من ثلث أسماك المياه الملحة المعروفة حول الشعاب المرجانية في المحيطين الهندي والهادئ وتعيش أنواع كثيرة أخرى حول الشعاب في جزر الهند الغربية. وتعج الشعاب المرجانية بالسمك الملائكي والزبدي والسمكة الببغائية وآلاف الأنواع الأخرى ذات الأشكال الغريبة والألوان الزاهية. وتجوب أسماك البرّكُودة وأسماك القشر، والأنقليس الموراي في مياه الشعاب الصافية بحثًا عن فرائسها.
كما تعيش أنواع كثيرة أخرى من الأسماك البحرية في مياه فاترة لا دافئة جدًّا ولا باردة جدًا. وتوجد مثل هذه المناطق المعتدلة شمالي المناطق الاستوائية وجنوبيها، وتعدّ من أغنى مناطق الصيد. وتقع أهم مناطق الصيد شمال غربي شواطئ أوروبا وشمال شرقي شواطئ أمريكا الشمالية. وتُنتج هذه المناطق إنتاجًا ضخمًا من أسماك القدّ والأسماك المفلطحة والرّنجة وغيرها من أسماك الطعام. وتوجد مناطق صيد مهمة حول جزر فوكلاند. ويتم معظم الصيد في أستراليا ونيوزيلندا في المياه الضحلة على الرصيف القاري. وتشمل الأسماك التي تُصاد في تلك المناطق السمكة المفلطحة والنهّاش والبوري والأبراميس.
تعيش في المياه الباردة للقطبين الشمالي والجنوبي أنواع أقلّ من أسماك المناطق المعتدلة والاستوائية منها أسماك قدَّ الأنهار، والإلبُوت، والورنك وسمك عديم القشور يشبه قناديل البحر يسمّى قوقع البحر. وتشمل أسماك المحيط القطبي الجنوبي الأسماك الصغيرة شبيهة الفرخ، وقدّ القطب الجنوبي والإلبوت، وسمك الجليد ذا الدم الشفاف غير الأحمر.
تعيش أنواع مختلفة من الأسماك أيضًا عند أعماق مختلفة في البحر، وتعيش أكبر وأسرع الأسماك السبَّاحة بالقرب من السطح في عرض البحر وتوجد عادة على مسافات كبيرة من الشاطئ، وتشمل هذه الأسماك البينيت والماكريل والمرلين وسمكة السَّيف والتونة وأنواعًا مختلفة من أسماك القرش. ويقوم بعض هذه الأسماك بهجرات سنوية طويلة قد تمتد من المناطق الاستوائية إلى المناطق القريبة من المياه القطبية.
وتعيش أنواع كثيرة أخرى من الأسماك البحرية في المياه متوسطة العمق، وفي الأعماق بعيدًا عن سطح الماء. وتختلف بيئة هذه الأسماك كثيًرا عن بيئات الأسماك التي تعيش قريبًا من السطح. فلا يمكن لضوء الشمس أن يخترق المياه لأعماق تبعد كثيًرا عن السطح. وتتراوح إضاءة المياه عند عمق 180م تقريبًا بين إضاءة خافتة جدًا وظلام دامس. ويبلغ طول أغلب الأسماك التي تعيش في المياه متوسطة العمق أو العميقة داخل البحر أقل من 15سم، ولونها أسود أو أسود يميل للون البنفسجي أو الأحمر أو البني، وللكثير منها أعضاء ضوئية تومض وتنطفئ في الظلام، كما أن للكثير منها عيونًا كبيرة وأفواهًا واسعة.
وكثير من الأنواع التي تعيش في المياه متوسطة العمق ذات صلة بسمك الرنجة. وتشمل إحدى هذه المجموعات الأسماك هلبية الفم الدقيقة. ويعتقد العلماء أنّ عدد الأسماك هلبية الفم يفوق أعداد جميع الأسماك الأخرى. وقد قدر العلماء أعداد الأسماك هلبية الفم بالبلايين.
تعيش بعض أنواع الأسماك في قاع البحر، ويعيش الكثير من الأنواع في المياه الشاطئية الضحلة، ومثال ذلك سمك الأنقليس والفلاوندر (المفلطح) والأسماك الكروية وأفراس البحر وسمك موسى. ولكن عددًا آخر من الأسماك يعيش في القاع بعيدًا عن الشاطئ وتشمل أسماك ذيل الجرذ (الأزعر) وغيرها من الأسماك ذات الرؤوس والعيون الكبيرة والأذناب الطويلة النحيلة المدببة. و تنمو أنواع عديدة من أسماك ذيل الجرذ حتى يصل طولها 30سم وأكثر من ذلك. و من أكثر الأسماك الموجودة في قيعان المحيطات غرابة السمكة ثلاثية الأرجل أو سمكة العنكبوت. وهي سمكة ذات ثلاث زعانف طويلة شبيهة بأرجل حامل ذي ثلاث قوائم أو كرسي ثلاثي الأرجل. وتستخدم هذه السمكة زعانفها لتثبيت جسمها في قاع المحيط.
يعيش بعض أنواع الأسماك في المياه قليلة الملوحة وتوجد مثل هذه المياه عند مصبات الأنهار (حيث تصب الأنهار في البحر) وحيث تتجمع المياه الملحة مكونة مستنقعات شاطئية، أو في البرك المتكونة نتيجة لانحسار مياه الجزر. وتشمل أسماك المياه قليلة الملوحة أنواعًا معينة مثل: البرّكودة والأسماك المفلطحة والقُوبيون والرّنجة والكلِّيفش والأسماك فضية الجنبين وأبو شوكة. ويمكن لبعض أسماك المياه الملحة العيش في المياه العذبة أيضًا بما في ذلك أنواع عدة من الرنجة والجلكي والسالمون والفضية وأبو شوكة.
بيئات المياه العذبة
توجد الأسماك في القارات كلها ماعدا القارة القطبية الجنوبية، وتعيش في معظم البحيرات والأنهار والجداول والغدران والمستنقعات، ويعيش بعضها في الجداول المارة عبر الكهوف أو الجارية في الأعماق تحت الأرض.
وقد صنف العلماء نحو 9,600 نوع من أسماك المياه العذبة التي تُكوّن قرابة خمسي جميع أنواع الأسماك، وكلها تقريبًا أسماك عظمية. وينتمي الكثير من تلك الأسماك العظمية لمجموعة كبيرة تشمل أسماك الشّبوط (المبروك) والسّلّور والكرسين والأنقليس الرعّاد واللّتش، والمِنّوة والأسماك الماصة ويمثل السّلّور وحده في هذه المجموعة أكثر من 2,500 نوع.
وتوجد أكبر أعداد من أسماك المياه العذبة على الإطلاق في المناطق الاستوائية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية بما فيها مئات الأنواع من السّلّور. ويوجد في إفريقيا أيضًا العديد من البلطيات والأنومات، بينما تعيش في آسيا مجموعات من أسماك اللّتش والمنّوة الغنية بألوانها الخلابة. وتشمل الأنواع التي تعيش في أمريكا الجنوبية الأنقليس الرعّاد والبرانيه والتترة، ويعيش في المناطق المعتدلة من العالم كثير من أسماك المياه العذبة كأسماك القاروص والشبّوط والمنّوة والفرخ والتروتة.
وتعيش سمكة التُوتوج وسمكة الكراكي في المنطقة القطبية الشمالية.
وفي كل مناخ، يلزم لأنواع معينة من أسماك المياه العذبة نوع خاص من البيئة. فبعض الأنواع ومنها الكثير من أنواع الجريلنج والمنَّوة والتروتة تعيش أساسًا في جداول باردة سريعة التيار ومياهها صافية. وتعيش أنواع عدة من الشّبوط والسلَّور في الأنهار العكرة الدافئة ذات التيار البطيء. وتعيش بعض الأسماك مثل الشار وتروتة البحيرة والسمك الأبيض أساسًا في البحيرات. وتعيش أسماك قد الأنهار البني والقاروس كبير الفم والكراكي الشمالي والتروتة القزحية والفرخ النيلي وغيرها من الأنواع الكثيرة في البحيرات والأنهار.
وتعيش أسماك المياه العذبة مثلها مثل الأسماك البحرية في مستويات مختلفة في الماء، فمثلاً، يعيش العديد من أسماك الكهوف والجداول والمستنقعات بالقرب من سطح الماء. ويعيش أبو منقار، و السمك الأبيض عادة في أعماق متوسطة، أما الأسماك التي ترتاد القاع فتشمل سمك الحفش (الأسترجون) والعديد من أنواع السلور والأسماك الماصة.
وتعيش بعض أنواع أسماك المياه العذبة في بيئات فريدة. فمثلاً، يعيش بعضها في الجداول الجبلية التي يكون التيار فيها من السرعة والشدة بحيث لايمكن أن يعيش فيها سوى أنواع قليلة من الكائنات الحية. وتتعلق تلك الأسماك بالصخور بوساطة الفم أو بوساطة عضو معين ماص. ويعيش عدد من الأنواع في الكهوف والجداول تحت سطح الأرض ولا ترى هذه الأسماك ضوء النهار على الإطلاق. وللغالبية العظمى منها جلد باهت أو أبيض اللون والكثير منها أعمى. وتعيش أنواع قليلة من أسماك المياه العذبة في الينابيع الحارة، حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 40°م.
هجرة الأسماك
إن عددًا قليلاً نسبيًا من الأسماك يمكنه التنقل بحرية بين المياه العذبة والملحة، ليضع بيضه. ويُطلق على أسماك المياه الملحة التي تصعد نحو المياه العذبة لتضع بيضها الأسماك الصاعدة وتشمل الألوايف والجلكي البحري، والسمكة الفضية ومعظمأنواع السالمون وسمك الشابل. ويطلق على أسماك المياه العذبة التي تبيض في المياه الملحة الأسماك الهابطة وتشمل الأنقليس (ثعبان الماء) الأوروبي والأمريكي الشمالي وبعض أنواع سمك القوبيون. وبعض أنواع الأسماك الصاعدة من البحار إلى الأنهار في المعتاد، والتي تشمل أعدادًا كبيرة من أنواع الألوايف والجلكي والسالمون والسمكة الفضية قد حُصرت في المياه العذبة، أي أنها بدلاً من عودتها إلى بيئتها الطبيعية من المياه الملحة أصبحت مستوطنّة في المياه العذبة، لذلك لا يمكن لصغار هذه الأسماك الهجرة إلى البحر بعد الفقس. ويشرح الجزء الخاص بـ كيف يمكن للأسماك أن تتكيف للتغيرات، لماذا لايمكن لمعظم الأسماك الانتقال بحرية بين المياه الملحة والعذبة.
يهاجركثير من أنواع أسماك المياه الملحة من منطقة ما إلى أخرى في البحر، في وقت معين من السنة. فمثلاً ترحل أنواع عدة من الماكريل وبعض الأنواع الأخرى من الأسماك التي تعيش في عُرض البحر نحو الشاطئ لتبيض. ويهاجر كل صيف عدد كبير من أنواع الحَدوق وبعض أسماك المياه الباردة من المياه الشاطئية إلى المياه الأكثر برودة بعيدًا في البحر، وتقوم بعض أسماك المياه العذبة بهجرات مماثلة. فمثلاً، تسبح بعض أنواع التروتة من البحيرات متجهة نحو الأنهار لتبيض. وتعيش بعض الأنواع الأخرى من أسماك البحيرات والجداول المعتدلة مثل سمك القاروس والفرخ بالقرب من السطح الدافئ خلال الصيف. وعند حلول فصل الشتاء، يتجمد الماء عند السطح، ولكنه يبقى دافئًا قليلاً تحت الجليد وعندها تهاجر الأسماك نحو القاع وتبقى هناك حتى عودة المناخ الدافئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق