السبت، 22 مارس 2014

أسماك القرش.. ضحية أم جانية؟



أسماك القرش.. ضحية أم جانية؟

مَن الضحية.. القرش أم الإنسان؟
مَن الضحية.. القرش أم الإنسان؟

هل الاعتقاد السائد بأن جميع اسماك القرش خطيرة على الإنسان رغم ان علماء البحار اكدوا ان من بين اكثر من 360 فصيلة من اسماك القرش يوجد عدد قليل جداً خطر على الانسان، وان خطر اسماك القرش على الانسان مبالغ فيه وحتى صانع سلسلة افلام الفك المفترس بيتر بنكلي والذي كان له الفضل في انتشار ظاهرة خطر اسماك القرش فقد حاول في السنوات الاخيرة مسح خرافة ان اسماك القرش هي وحوش اكلة للحوم البشر، ولكنه لم ينجح بذلك وهناك العديد من النظريات عن لماذا يهاجم القرش الانسان احيانا ومتى وما الاسباب وهل هي فعلا اسماك زبالة تنظف البحر من الملوثات وتأكل الحيوانات والاسماك الميتة باعتبار ان هذا هو دورها البيئي.. الباحث محمد يعقوب البكر يتطرق الى هذا الموضوع من واقع خبرته ومعرفته وما عايشه من قصص في الماضي والحاضر.. فماذا يقول؟
في البداية قال: ذكرت في احد مقالاتي البحرية التي انشرها في جريدة القبس على صفحة البحر والصيد، بأن في البحر اسماكا تعرف بالزبالة أو خادمة البيئة، ولا شك ان اسماك الجراجير «القرش» هي الأخرى للغرض ذاته.
وتعليقاً على ما نشر عن شراسة اسماك الجراجير في جريدة القبس يوم الاربعاء 2011/7/20 صفحة البحر والصيد بأنها عدوانية وشرسة وما ذكر على هذه الصفحة من روايات وحكايات حدثت لبعض الغواصين في الماضي، ومرتادي البحر من هجمات وافتراس تعرضوا لها من تلك الجراجير، نعم هذا صحيح، وليس بغريب ان يحدث، ولكن ما يحدث من الانسان للإنسان اكثر من حروب وجرائم قتل وحوادث مرور وغير ذلك من اعتداءات في ما بين الانسان والانسان ومن الانسان لغيره من المخلوقات.
اما عن اسماك الجراجير فهي من السباع المفترسة آكلة اللحوم والجيف مثلها في الصحاري والغابات كالأسود والنمور والذئاب والضباع وكواسر الطير وجوارحه في الجو كلها خلقت لخدمة الانسان ولنظافة بيئته البحرية والبرية وتنقية اجواءه من التلوث ولكن الانسان بطبعة المغامر والباحث عن المجهول هو من يعرض نفسه لتلك المخلوقات الخطرة في عقر دارها واماكن عيشتها ولم تأت هي للإنسان فحقاً ان الانسان لظلوم جهول، وانه حمل ما ابت عن حمله السموات والأرض، وهي الأمانة وذلك لما يمتاز عن كل تلك المخلوقات بعقله ولكن الغرور والكبر طغيا على ذلك العقل فعاث هذا الانسان في البر والبحر فساداً وراح يدمر بمنشآته واختراعاته مواطن تلك المخلوقات ويتهمها بالعدوانية، ومعلوم ان السباع بأنواعها بحرية كانت او برية او جوية تسعى لتأدية عملها الموكل إليها وتكنس البيئة وتنظفها من كل شائبة تشوبها وتقضي على النطيحة والمتردية لتحافظ على توازن الحياة الفطرية لتجعلها خالية من الأمراض والآفات الضارة، وبما أن الإنسان غريب عن موطنها وتشاهده منعزلا فتحسبه متردية فتشن هجوما عليه لتخلص البيئة منه، فهي ليست بعدوانية وانما هذه هي مهمتها، فقد لا تجد ما تفترسه من حين لآخر، وقد يطول جوعها اياما من دون طعام، على عكس المخلوقات الرعوية التي يتوافر لها الطعام على الدوام كقول الشاعر محمد العبدالله القاضي:
كم خير ما نال فيها سؤاله
وكم ثور هور ساعفت له بالاقبال
السبع رزقه من جيفها ختاله
وجند ضعيف مرغد رزقه اشكال
فالجراجير لا تأكل يوميا، شأنها شأن السباع البرية متى ما تهيأ لها ضعيف او منقطع تهم به لتسد جوعها وتخلص البيئة من بقايا جيف متعفنة.
ومهاجمة الضواري للانسان نادرة، سواء كان في البر او البحر، فمنذ ماضي السنين والانسان يسعى وراء رزقه في البر والبحر والتنقل عبر تلك الامكنة للصيد البحري او القنص البري وللاسفار والترحال عبر البحور والفنار، وما حدث له من حوادث افتراس او غرق الا الشيء القليل تتندر به الحكايات والاقاصيص، حدثني احد خوالي عن حكاية حدثت له في منطقة كاظمة في زمن كان الذئب والضبع يسكنها يقول مررت على ضبعة وانا قاطعا طريقي من الصبية الى الكويت سائرا على قدمي لا أحمل سوى عصا غليظة في يدي، فشاهدت ضبعة تستظل تحت شجرة من الغردق فأردت ان اضربها ثم غيرت رأيي وواصلت سيري وقد كشرت عليّ بأنيابها ولكنها لم تهاجمني وواصلت سيري وحدثني ايضا عن مشاهدته الذئب في صباه افزعه وكاد يغمى عليه من الخوف حيث لم يكن معه عصا او سلاح يدافع عن نفسه لو هاجمه ذلك الذئب ولكن الذئب ولا هاربا وقد شاهد خالي الذئب وهو يتقيأ قطعا من اللحم وهو يدول فأيقن خالي ان الذئب شبع ولو كان جائعا لهاجمه فنجا خالي وعاد الى اهله في كاظمة مسرعا مرعوبا وهذا دليل على ان الفواري في البر والبحر ليست بعدوانية بقدر ما هي تسعي لسد جوعها وتستريح، ولو كانت عدوانية كما يدعي البعض لما قطن الناس في الصحاري في تلك الازمنة التي كانت تعج بالضواري المفترسة ولما مارسوا اهل الغوص مهنة الغوص على مدى سنين خلت طلبا للرزق، والعكس صحيح، فالإنسان هو العدواني ومغامر في حياته.
سيف المقصب
وقال: عودة مرة اخرى الى الجراجير عندما كان المقصب (المسلخ) على شاطئ بحر الشويخ والذي كان يطلق عليه قديما سيف المقصب، حيث كانت تذبح الاغنام والابقار والجمال وترمى مخلفات تلك الذبائح في البحر فتتجمع اسماك الجراجير بأنواعها لتلتهم تلك الاشلاء، وتجتذبها رائحة الدم وبالرغم من انها مفترسة ولكن لم نسمع ان جرجورا هاجم احدا من مرتادي ذلك الشاطئ وغيره من شواطئ الكويت او اصابه بأذى، علما ان اهل الكويت لا يتفكون عن السباحة وممارسة هواياتهم البحرية حتى النساء، وكن يغسلن الملابس على صخور منطقة اليسرة «الجسرة» وهو ساحل ضخري صخور، مبسطة لا يبعد كثيرا عن منطقة الشويخ وينزلن النساء احيانا يتبردن من ماء البحر وهن مرتديات اثوابهن وحتى الجوانات من اغنام وخيول كان اصحابها ينزلونها الى البحر في الصيف للاستحمام ولم نسمع ان سمكة جرجور «قرش» هاجمت احدا ممن استحم في البحر الا اللهم حكاية تترددت في ذلك الزمن، لا يعرف مدى صحتها، ان احد الصيادين وجد ذراعا في بطن جرجور وفي الذراع خواتم من ذهب او قيل اساور وان حدث مثل هذا فهذا شيء من النادر او هي حكاية مختلفة اريد بها تخويف الناس او من الاشاعات التي يطلقها بعض الاباء لتخويف الاطفال من النزول في البحر وقت الظهيرة عندما يكون الاهل في القيلولة، ففي الخمسينات وما قبل ذلك كان البحر هو كل شيء عند اهل وهو رياضتهم المفضلة، واذكر ونحن صغار كنا نسبح الى مسافات طويلة للسباق وإظهار الشجاعة والقدرة والقوة في السباحة والغطس وطول النفس وغير ذلك من نشاطات، بالرغم من وجود تلك الجراجير بسبب ذلك المسلخ الذي يجتذبها الى الشواطئ القريبة من مدينة الكويت العتيقة والذي سد جوع تلك الضواري البحرية فلم تعد بحاجة الى المهاجمة أو لإظهار عدوانيتها المزعومة، وكم كنا نشاهد الزعنفة الظهرية لسمك الجرجور ظاهرة فوق سطح الماء ونحن نسبح ونتسابق ونعرف انه جرجور كبير أو صغير من حجم تلك الزعنفة ومن يشاهده يصيح بالآخرين جرجور جرجور.. اخرجوا اخرجوا، فنسارع الى البر ومتى ما اختفت تلك الزعنفة عدنا للهو والسباحة وهكذا، وهناك ممن هم أكبر منا سناً يذهبون الى أبعد مما نذهب نحن الصغار إليه في عرض البحر ومناطق أعمق، ومما أتذكره ان في احدى السنوات غرقت سفينة شراعية بالقرب من شواطئ الكويت وهي عائدة من الهند وكانت محملة بالبضائع ومن ضمنها ناريل «جوز الهند» وقد شوهد ذلك الناريل «جوز الهند» طافياً على سطح البحر وتدافع بعض الناس لجمعه والحصول منه على غنيمة بالرغم من وجود هوام البحر وجراجيره والمسافة التي يقطعونها سباحة ليست بالقليلة، وهذا ما يؤكد ان الضواري ليست بعدوانية الطبع، ولكن الجوع يدفعها للافتراس، الا تشاهدون عالم الحيوان الذي يعرض على القنوات التلفزيونية ان الحيوانات الرعوية تسير جنباً لجنب مع الأسود اذا ما اكتفت الأسود بغنيمة من تلك الحيوانات الرعوية وافترستها ذهبت لتستظل وترتاح بعد الشبع، فلو كانت عدوانية لما هدأت وهي تشاهد تلك القطعان الرعوية سارحة امامها دون اكتراث، فالعدواني الحقيقي هو الإنسان الذي يتهم غيره من المخلوقات ويبرئ نفسه، فإنسان عصرنا هذا يريد كل شيء لنفسه غير تارك لغيره من المخلوقات الأخرى ان تهنأ ببيئتها وتحيا في أماكنها التي خصصها الله لها بحراً وبراً، ويريد ان يسيرها له على ما يريد اما بالاستزراع و اما بخداع ما يسميه بالمحميات الطبيعية التي تفرض على الحياة الطبيعية فرضاً بأفكار دخيلة مخلة لتوازن الحياة الفطرية التي حدت من تنقل تلك المخلوقات الفطرية التي تتنقل بفطرتها الإلهية فأصبحت حبيسة اقفاص كبيرة اسمها المحميات، حتى البحر لم يسلم من تلك المحميات، كل ذلك لمصلحة فئة على فئات من البشر عندما كان الصيد جائرا في البحر والبر كما يدعون.. من يدعون ذلك كان الصيد وفيراً والخير كثيراً والأحياء تتنامى بشكل طبيعي ومستجد لأن الصيد الجائر في الماضي كان في مواسمه وفي أوقات محددة يفهما أهل الصيد المتخصصون ومتى ما انتهت المواسم تركت الطبيعة تنمو وتتكاثر لموسم قادم. اما في هذا الزمان فالقوانين الدخيلة التي لا تتناسب مع كل قطر ومنطقة أصبحت تفرض على كل العالم وفي أوقات ومواسم غير صالحة لكل العالم، فالشرق غير الغرب والجنوب غير الشمال، ما يناسب هذا لا يصلح لذاك، حتى أصبحت الحياة فوضى واختلط الحابل بالنابل فتقهرت الصحارى وتلوثت البحور فصار الكل عدوانيا يشن على الآخر هجومه مما يعاني من ضيق النفس وظلم الآخر عليه، فمن حق الجراجير ان تهاجم وتصبح عدوانية في هذا الزمان الذي ملأ الإنسان بيئتها بمخلفات لا تغني ولا تسمن من جوع، فقاع البحر ملئ علباً معدنية وأواني بلاستيكية وزيوتا محروقة وأبخرة عوادم القوارب البخارية، والانسان العصري يغوص بأجهزة تقنية يتحدى بها جراجير جائعة لا تجد ما يسد جوعها، الا ان تهاجم ذلك الإنسان الماكث تحت الماء يسخر منها بآلته اما للتصوير واما ليصطاد فرائسها بسهامه المسمومة ليظهر لنا بنظريات غير مؤكدة ما ان يأتي بنظرية فينقضها آخر بنظرية، فقد ابتليت الكويت بنظريات ذلك الإنسان المختص صناعياً المتخلف ثقافياً المتقدم دراسيا، فكل من درس على الورق حسب نفسه عالما وحسب ان النظريات علم ويا خوفي ان تضيع الحقائق في خضم تلك النظريات المتلاطمة التي ستقضي على الثقافة والأدب والشعر والتراث والتاريخ وأصولنا العربية التي لولاها لما ظهر الغرب على الوجود، فقد أخذوا العلم منا وصدروا لنا النظريات حتى لا يثبت حالنا ونستقر ونبقى في الوهم وهم ينعمون بالحقيقة.. فهل نعتبر؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية