الأحد، 16 مارس 2014

أنف سمكة المنشار:كالسكين السويسرى متعدد الإستخدامات

أنف سمكة المنشار:كالسكين السويسرى متعدد الإستخدامات


تجدها مرابطة بالقرب من قاع المحيط ، تتجول "سمكة المنشار" بهدوء متحفز بحثاً عن ضحيتها القادمة. شاحذة "حاستها السادسة" التى تمكنها من إيجاد فريستها فى أكثر المياه وحولةً و أشدها ظلمة ، و مهما كانت براعة الفريسة فى ممارسة أساليب التخفى و الخداع فلن تجد لها مهربا فى مواجهة سمكة يناهز طولها السبعة أمتار . لقد نالت سمكة المنشار تسمية "القرش النجار The Carpenter Shark" عن إستحقاق، فعندما تراها تحسبها قرشاً متنكرا بمنشار ممتد عند المقدمة ، تكفى ضربتين خاطفتين منه لتصبح ضحيتها نصفين!

لم يشاهد أحد سمكة المنشار تصطاد من قبل ، فكثُرت التكهنات حول وظيفة "المنشار" تحديدا ، فهل تستخدمه السمكة لنبش الرمال و الوحل فى قاع المحيط بحثا عن فريسة مختبئة؟ أو ربما تنقض بزوائده المسننه قاطعة أجزاء من حوت ضخم؟ أم تشق به طريقها فى قلب المحيط المزدحم؟

إن صفة الأنف الطويل المميز لدى سمكة المنشار ليست حكراً عليها وحدها إنما هى سمه مشتركة بين العديد من الفصائل السمكية الأخرى و فى كل منها تختلف استخدامات هذا الأنف! و من هنا كانت أسباب حيرة العلماء بشأن وظيفة أنف سمكة المنشار.

تُعد "سمكة السيف" من أشهر الأسماك المعروفة بأنف طويل و مدبب و إسمها العلمى "السمكة المنقارية Bill Fish" ، و التى تشهر سيفها فى مواجهة فرائسها و تسدد به طعنات متلاحقة تصبح بعدها الفريسة جاهزة للأكل، لكن الأنف المفلطح الخاص بـ"سمكة المجداف Paddle Fish" فوظيفته أكثر سلمية إذ يساعدها على الإحساس بالعوالق البحرية و تحديد مواقعها بدقة و هو الأمر الذى يجعل من مهمة الأنف فى النهاية غير ودية البتة لأن الفريسة مصيرها أن تؤكل أيضا! أما القيام نبش الرمال و الأوحال فى القاع بحثا عن فرائس مختبئة فهو وظيفة أنف "سمكة الحفش Sturgeon " و التى ما أن ينتهى أنفها من مهمته حتى يبدأ الفم بأداء دوره فى "شفط" الضحية لتستقر فى معدتها فى النهاية.
سمكة السيف


السمكة المجدافية


سمكة الحفش

المدهش فى أمر سمكة المنشار أن وظيفة أنفها تجمع ما بين تلك الإستخدامات مجتمعة جاعلة إيها سمكة حاذقة مفترسة لا تقهر...

الحاسة السادسة

إن سمكة المنشار هى المفضلة لدى "باربارا ورينجر" الباحثة المتخصصة فى علوم الأعصاب الأحيائية بجامعة كوينزلاند الأسترالية و من خلال أبحاثها المتتابعة حول سمكة المنشار ، نجحت "ورينجر" فى كشف أسرارها أخيرا، فتقول "ورينجر" :"إن وظيفته تشبه اللمس عن بعد". أجرت "ورينجر" تشريحا على سمكة منشار نافقة و تمكنت من إيجاد عددا من المسام الدقيقة على طول المنشار، و التى ثبت بالتجربة أنها تعطى السمكة المقدرة على الإحساس بالمجالات الكهربية التى تصدرعن إنبساط و إنقباض عضلات و قلوب الأحياء البحرية أثناء حركتها بالجوار و هى سمة تتشارك فيها فصائل القروش و الرقيطات و نجدها فى ثدييات بحرية مثل الدلافين.

شاهد هذا المقطع المصور للتجربة التى أجرتها "ورينجر" و تقوم فيها سمكة منشار بمهاجمة أقطاب تصدر مجالات كهربية تحاكى المجالات التى تصدر عن الأحياء البحرية:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية