السبت، 22 فبراير 2014

هوابط الجليد




        يزخر القطبان الشمالي والجنوبي بظواهر فريدة، لا يُعرف منها إلا القليل. واليوم أصبح بالإمكان مشاهدة إحداها؛ إنها هوابط الجليد، التي ظلت غير مُوثَقة لردح من الزمن إلى أن ظهرت تقنية التصوير الفوتوغرافي بطريقة الفواصل الزمنية فأتاحت تتبُّع مسار تشَكُّلها. وكانت إحدى هذه الكتل الجليدية المالحة المُدلاة صُوِّرت وهي في طور التشكل العام الماضي، في خليج ماك موردو في القطب الجنوبي. وقد التقطتها عدسات المصورين البريطانيين داغ أندرسون وهيو ميلز.

        وكان عالما المحيطات الأميركيان بول دايتون وسيلي مارتن أول من وصف بدقة مراحل تشكل هوابط الجليد البحرية عام 1971. ويَعتَبر مارتن أن هذه الأعمدة الجليدية، والتي تمكن من زَرع بعضها في مختبره العلمي في سياتل، تنشأ بشكل طبيعي خلال موسم الشتاء القطبي حين تنخفض درجات حرارة الهواء فوق سطح المياه القطبية إلى أقل من 18 درجة مئوية تحت الصفر، فيما تكون درجة حرارة المياه في الأسفل معتدلة حيث لا تتجاوز 2 تحت الصفر.

        ويُعد هذا التباين في درجات حرارة الهواء والمياه عاملا رئيسا في تكوُّن هوابط الجليد، حيث تصعد مياه البحر الدافئة إلى السطح فتسيل صفائح الجليد المتعرقة وينزل منها ماءٌ أجاجٌ شديدُ البرودة يُجمِّد كل شيء من حوله فيتحول إلى عمود ثلج ينمو تدريجيا بمقدار نحو 30 سنتيمترا كل ساعة، متى توفرت الظروف المناخية المناسبة، حتى يصل إلى القاع. ولا تتوقف كتل الجليد المُدلاة عن النمو بمجرد بلوغها قاع المحيط، بل تنتشر بشكل أكبر مُشكلة ما يشبه شبكة جليدية.

        في سبعينات القرن الماضي، يتذكر مارتن ضاحكا، “تساءلت البحرية الأميركية ما إذا كانت هوابط الجليد في المحيط تشكل مصدر تهديد بالنسبة لغواصاتها”. والجواب، كلا، فهذه الكتل ليست خطيرة. وهي في الواقع تكبر ببطء ولا تؤذي سوى الكائنات البحرية التي تعيش في المياه العميقة مثل نجم البحر، والتي تتجمد حتى الموت. ثُم إنها ليست صلبة بما يكفي إذ تتكسر عند الاصطدام بالفقمات أو التيارات المائية. وبعد الاصطدام، أوحين يتوقف الماء المالح عن النزّ، تتوقف الهوابط الجليدية عن النمو ثم “تموت”. غير أن موتها لا يعني النهاية، فقد تُكتب لها حياة ثانية من نوع آخر، اذ يشير أندرسون إلى أن بعض الأسماك تتخذ موطناً لها في الهوابط الجليدية الميتة التي تغطيها صفائح جليدية في ما يشبه “ثريات بديعة” – وهو مشهد آخر من مشاهد العجب في القطب المتجمد. – جيرمي بورلين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية